« بيتهوفن » الأصمّ الذي أصبح أسطورة موسيقية حية في الأذهان !
إذا أردت أن تعرف ثقافة شعب ، فاستمع الى موسيقاه ! ربما علينا أن نعطي أنفسنا كعرب ميزة الاستثناء من صحة هذه القاعدة . وإلا ما هي الثقافة التي علينا أن نستنتجها بعد أن أنحدرت الموسيقى والأغاني العربية بوجه عام ، والمصرية بوجهٍ خاص .
ما هي الثقافة التي قد تخبرنا بها ( أديك تقول ماخدتش ، آه يا بت يا مزة ، الصوت يا عم أنت وهو … ) بالتأكيد لن تكون الإجابة مشجعة بأي حالٍ من الأحوال .
لكن المستقبل قد يكون مثيرًا ويحمل الكثير من الأمل في تطور الأغنية والموسيقى العربية بعد ظهور العديد من الأصوات التي قد تعيد مجد الماضي .
على أي حال ، لن أتحدث عن الموسيقى العربية ، بل سأتحدث عن أحد أعلام الموسيقى الكلاسيكية ، بيتهوفن الذي صرح لمنتقديه بأنه يعزف من أجل الأجيال القادمة ولم يكذب في هذا !
-
- مولده ونشأته
ولد لودفج فان بيتهوفن في مدينة بون الألمانية عام 1770 . كان والده موسيقارًا كبيرًا ، مما ساهم في صقل عبقرية بيتهوفن الموسيقية ، حيث قام والده بتعليمه الموسيقى بعد أن رأى فيه موهبته وقرر أن يـُهدي العالم ( موتزارت ) آخر ، إلا أنه كان معلمًا قاسيًا حيث كان يجبره على التدريب والوقوف أمام أصابع البيانو وهو في نوبة من البكاء .أضف على هذا أن والده كان مدمنًا للخمر أيضًا مما يجعله معلمًا غير مثالي بالرغم من كونه معلمه الأول . أما والدته التي كانت – على حد تعبير بيتهوفن - أفضل صديق له ، فقد ماتت وهو في سن السابعة عشر تاركة له مسئولية العائلة .قدّم بيتهوفن أول حفلاته الموسيقية المعروفة في الثامنة من عمره وذلك في مدينة ( كولونيا ) كما قام بنشر أولى أعماله وهو في الثانية عشر من عمره عام 1783 .
-
- حياته في فيينا
بعد أن بدأت عبقرية بيتهوفن تظهر للجميع، قرر الأمير ( ماكسيمليان فرانز ) ارسال بيتهوفن إلى فيينا التي كانت تعد عاصمة الموسيقى في ذلك الوقت من أجل إكمال تعلم الموسيقى وذلك عام 1789 .تتلمذ في فيينا على يد ( هايدن ) إلا أن العديد من الخلافات وقعت بينه وبين معلمه ، فبدأ يتنقل بين معلمين آخرين مما ساهم في صقل شخصية بيتهوفن الفنية والموسيقية .بدأ بيتهوفن في نشر سطوته الموسيقية التي أثارت دهشة فيينا ، حيث نظم حفلة موسيقية عامة في فيينا عام 1797 ، ثم بعدها نظم سيمفونيته الأولى بجانب بعض المؤلفات عام 1800 ..ثم أتبع ذلك بجولة موسيقية في العديد من المدن ليكتسب حينها شعبية جماهيرية جعلت الجميع يعجبون بعبقرية هذا الشاب بما فيهم الطبقات الأرستقراطية التي قامت بدعمه .بالرغم من دعم الطبقات الأرستقراطية لبيتهوفن إلا أنه عاش فقيرًا ومات فقيرًا، لكن ميراثه الحقيقي كان أعماله الفنية التي خُلقت من أجل أن تخلد ذكراه .
-
- إصابته بالصمم
بدأ بيتهوفن يُصاب بصمم بسيط عام 1802 ، فبدأ حينها في الانسحاب من الأوساط الفنية ، ومع ازدياد حالته بدأ يتجه للوحدة . كان مصابًا باليأس لدرجة كادت أن تصل به إلى الانتحار حيث قال مرة ” يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه ، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً ، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس ، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة ، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك “ .بالرغم من اصابة بيتهوفن بالصمم ، إلا أن هذا لم يجعله يتوقف عن ممارسة موهبته العبقرية ، فقام بتأليف أكثر مؤلفاته شعبية وهي السيمفونية الخامسة والتاسعة . كذلك أضاف العديد من التغييرات وقدم الكثير من الإنتاج الفني التي جعلته بالفعل يعتبر عازفًا من أجل أجيال المستقبل ، فقد ترك بيتهوفن ميراثًا فنيًا ما زال خالدًا حتى اليوم ، حيث تعتبر سيمفونياته أهم ما أنتجته الموسيقى الكلاسيكية .
-
- هل مِن عبرة في ذلك ؟
بيتهوفن بالفعل كان عبقريًا حقيقيًا والدليل على ذلك أنه يعد واحدًا من أعلام الموسيقى الخالدين ، فلا يمكن أن يتم ذكر الموسيقى دون أن يقترن بها اسم بيتهوفن ! وبالرغم من ذلك فإن قصة حياته قد تمثل إلهامًا نحن في حاجة إليه .ما هذا الإصرار والنجاح الذي قد يحظى بهما رجلٌ مثل نجاح بيتهوفن ! كيف يمكن لشخصٍ أصم أن ينتج عبقرية لا يستطيع سماعها ! لا يوجد تحديّ قد يواجه حلم أي شخص مثل ذاك التحدي الذي خضع له بيتهوفن وهو إصابته بالصمم . ربما قد أحس بالإحباط فهذا أمرٌ طبيعيّ في حالٍ كهذا ، لكنه لم يستسلم بل نجح بالفعل وقدم للعالم أعظم أعماله وهو مصابُ بهذا المرض .يمكننا أن نتعلم من بيتهوفن الموسيقى ، لكننا يمكننا أن نتعلم الإرادة أيضًا ، يمكننا أن نتعلم أن الأهداف ما دام يسعى إليها المثابرون ، فهي بالتأكيد في حيّز الـمُـستطَاع .
« بيتهوفن » الأصمّ الذي أصبح أسطورة موسيقية حية في الأذهان !
Reviewed by علاء محمد حسن
on
6:09 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: